مقال ضيف : ابني الصغير ولع اللمبة .

بقلم المهندس : حسان الفلو

صورة الفلو

في حياة كل منا منعطفات كثيرة، يتأثر بها بشكل كبير، فتغيّر مسار حياته. قد يكون أحد هذه المنعطفات الغربة أو الشهادة أو العمل أو الزواج أو الأولاد أو غير ذلك. هذه المنعطفات تكون أحيانا -حسب تعبير الدكتور صالح الأنصاري حفظه الله- مثل “اللمبة” التي تضاء فجأة، فتوقظنا من غفلات كثيرة كنا إما ساهين عنها أو متكاسلين عن تجاوزها.

قصتي مع الصحة والمشي مثل لعبة السلم والثعبان في صعود وهبوط، إلى أن “ولّعت اللمبة” واشتد وهجها، وبإذن الله لا تنطفئ أبدا. لم أكن سمينًا أبدًا عندما غادرت لبنان في بداية الثمانينات بعد الثانوية العامة. بل كنت أمارس عدة رياضات، على رأسها الكرة الطائرة المشتهرة كثيراً في لبنان وكرة السلة، كما كنت ماهرًا في تنس الطاولة. وفي أمريكا بدأت عوارض السمنة تظهر لدي حيث أقمت هناك لدراسة البكالوريس. فالغربة والوحدة وضغوط الدراسة والحياة والأكل السريع Fast Food عوامل وأعذار جعلتها (في غفلة) تسهم في ازدياد وزني.

في أواخر الثمانينات انتقلت إلى كندا حيث أقمت وتزوجت، فكانت مشكلتي مع السمنة تزداد شيئًا فشيئًا. ووصلت إلى أعلى وزن لي وهو 155 كلغ. كنت لا أبالي كثيرا بما آكل، وأقبل أي عزومة (وأفتري فيها)، وأُكثر من الحلويات، وآكل قبل النوم، وأسرع في أكلي. وكنت أعاني من حموضة شديدة وأتناول الأقراص المضادة للحموضة باستمرار.

كانت أول محاولات إنقاص الوزن بطلب من زوجتي، وبمساعدة  طبيبة في تورنتو. وفعلاً أنقصت خلال تلك الحمية حوالي 15 كلغ لكنها كانت حمية قاسية مما اضطرني لأخذ بعض المكملات، ولم أكن أمارس الرياضة بانتظام. وفي أواخر التسعينات انتقلت للرياض حيث تدهورت صحتي بشكل أكبر. فنمط الحياة هناك يدفعك إلى الأكل الكثير المتأخر وإلى قلة الحركة والاعتماد على السيارة في التنقل، إضافةً إلى دعوات العشاء، وطلعات البر والنزهات والاستراحات، وكل هذه المناسبات لا تخلو من المعجنات والحلويات، ناهيك عن الكبسة والمندي والمثلوثة وغيرها من الأكلات الدسمة جدًا. جربت كل أنواع المطاعم في الرياض وخاصة البوفيهات المفتوحة التي كانت تملأ معدتي لحد التخمة. لم أبذل جهدًا حقيقيًا في الاهتمام بصحتي لا من ناحية التغذية ولا الرياضة واستمرت مرحلة اللامبالاة سنين عديدة. وفي تلك الفترة كان #صندوق_الأعذار مليئًا بالتبريرات (التي أجدها الآن وهمية) مثل عدم وجود الوقت، وضرورة المجاملات الاجتماعية، والطقس الحار والغبار، وغير ذلك.
في 2010 وعندما قاربت الخامسة والأربعين، رزقت بمولود. وكانت ولادته بمثابة جرس الإنذار الذي أفاقني من غفلتي. بدأت أفكر، يا ترى لو أحياني الله، هل سأستطيع أن ألعب مع طفلي هذا دور الأب الصديق عندما يصبح فتى يافعًا؟ وهل سأستطيع لعب دور الأب الذي يلاعب أولاده، ويسابقهم ويجري معهم ويشاركهم هواياتهم؟ وهل سأكون عادلًا معه وأفعل كما فعلت مع إخوته عندما كنت شاباً؟ دارت تلك التساؤلات في ذهني فقررت أن أفعل شيئاً. 

أول شيء فعلته هو أنني ذهبت مع زميل لي في العمل كان يعاني من السمنة أيضا لأخصائي في التغذية واستمعنا له. وتعاهدنا على ضبط التغذية والمشي يوميًا. لم يستمر هو وقتها واستمررت أنا في المشي ومحاولة الالتزام بالأكل الصحي بالرغم من أن فراقه وانقطاعه سببا لي اهتزازاً وشعوراً بالوحدة في مشواري نحو الصحة. غيرت الكثير من عاداتي بأركانها الثلاثة: التغذية والرياضة والنوم. وقد كانت البداية في مشوار الرشاقة مثل النحت في الصخر، لكن أثرها يدوم مثل النقش على الحجر.

في تلك الفترة كنت قد دخلت عالم تويتر. لا أذكر تماما متى بدأت معرفتي بالدكتور صالح الأنصاري، لكنها كانت عن طريق تويتر وعن طريق وسم #المشي_للصحة تحديدا. وقتها ذكرت له أني أمشي يوميًا، فشجعني أكثر، وأذكر أني أزعجته بأسئلتي الكثيرة عن الصحة والمشي. تعلمت منه ما أسميه “فن المشي”، كيف ومتى ولماذا وأين تمشي، وغير ذلك. هو – حفظه الله – أول من نصحني وشجعني على #المشي_فجرًا حيث كنت في البداية أمشي بعد الدوام عصراً إذ كان الوقت الأنسب لي. ابتلعت “الطعم” الذي ألقاه لي عندما عرفت منه مزايا المشي فجراً. ومن وقتها وأنا ألتزم بالمشي فجرًا والحمد لله. وتطورت العلاقة مع د. الأنصاري وترسخت الصداقة في المشاركة في مشاوير المشي والمشي الجبلي (الهايكنج) في ضواحي الرياض ومشي المسافات الطويلة وكان آخرها المشي 25 كلم في 4 ساعات في وادي حنيفة بالرياض.

لقد فتح لي تويتر آفاقا من التوعية والمعرفة والتحفيز وتبادل الخبرات. وتعلمت منه الكثير، فتابعت عددا من الأطباء والطبيبات وأخصائيي وأخصائيات التغذية حتى أستفيد أكثر وأتعلم أساليب جديدة وفعالة للحفاظ على صحتي. كما أوليت اهتماماً بالحسابات التي تهتم بالصحة النفسية وأذكر هنا تحديدًا الدكتورة منال مرغلاني @Manolmarg لتوجيهاتها ونصائحها في الجانب النفسي من مشكلة السمنة.

لم تكن بداية مشواري في سبيل #تعزيز_الصحة أو الرشاقة سهلة، لكنها لم تكن أيضًا مستحيلة. بدأت أثقف نفسي عن طرق وأساليب النمط المعيشي الصحي، وغيرت الكثير من عادات الأكل السيئة التي اعتدتها، واتبعت “عادات الأكل للرشيقين” وللدكتور الأنصاري مقال جميل عنها. وأصبحت أتناول إفطاراً صحيا كبيــرا غنيــا بالبروتين والأليــاف، وآخذ معي للعمــل يوميــا صندوق الطعــام (Lunch Box)  أضع فيه بعض الخضار أو الفواكه والمكسرات النيئة وغيرها حتى لا أجوع خلال الدوام، كما أصبحت آكل ببطء وأمضغ الطعام جيدًا. ومن أهم عادات الأكل التي تعلمتها هي أن أُطْبِق فمي بعد السابعة أو الثامنة مساء.  وبدأت أبحث عن بدائل صحية للوجبات وأجرب إعدادها بنفسي. فجربت خلطات عديدة من الزبادي والشوفان والحبوب الكاملة مع المكسرات النيئة والفواكه وغيرها، وأتناول منها يوميا. كما تعلمت أن “أستمع” لجسدي وأكتشفه بشكل أقرب، لأعرف ماذا ينفعه وماذا يضره وما هي درجات تأثير بعض الأطعمة عليه. وللدكتور الأنصاري أيضاً مقال جميل بعنوان “استمع إلى جسدك“.

كان أول تحدٍ لي مع ابني الأصغر نفسه عندما أخذت العائلة إلى مشوار المشي الجبلي “هايكنج” في منحدر “القِدّية” على بعد حوالي 40 كلم غرب الرياض، فحملت ابني الأصغر على أكتافي وصعدت به من أسفل الجبل إلى أعلاه وهو يبتسم ببراءة. كان شعورًا غامرًا بالسعادة لأني لم أكن أتوقع أن أستطيع فعل ذلك. فتذكرت جيداً كيف كان هذا الطفل الذي يجلس على أكتافي دافعاً لي لأُنقص حوالي 55 كج من وزني، وكيف بلغني الله تعالى أن أحمله بسهولة في صعود متواصل يستمر حوالي 20 دقيقة بعد أن كنت ذات يوم لا أكاد أحمل نفسي والحمد لله.

لم أفقد كل الوزن دفعة واحدة أو بسرعة، ولا يقلقني ذلك أبدًا. فقد نقص خصري من مقاس 46 إلى حوالي 38 على مدار حوالي ثلاث سنوات. وقد لا أصل للوزن المثالي، فبنية جسمي عريضة وخاصة الجزء العلوي. كما أن طبيعة الجسم في هذا السن تجعل خسارة الوزن عملية صعبة، لكني في المقابل تعلمت أن أتحرر من عقدة الرقم على الميزان، وأن أركز على النمط المعيشي الغذائي. تعلمت في نقاشاتي الكثيرة مع د.الأنصاري أن الرقم على الميزان لا يهم إن كنت أستطيع أن أمشي 20 كلم، أو أصعد 13 طابقًا على الدرج، وقد حدث ذلك ذات يوم في أحد فنادق المدينة المنورة عندما تعطل المصعد. لم يكن الرقم يهمني وأنا أحمل ابني على أكتافي وأصعد به الجبل به دون عناء يذكر، فلقد أصبحت هذه إحدى مقاييسي للصحة وغيرها الكثير من الأمثلة.

بعد هذه التجربة الصحية الغنية اهتممت أكثر ليس في إثراء معلوماتي الصحية فحسب بل في توثيقها ونشرها. ومن هذا المنطلق أنشأت قناة على تطبيق Telegram بعنوان #اكتشف_جسدك وتهدف إلى نشر التغريدات الهامة والشرائح الصحية التي أعددتها في مجالات الصحة والتغذية والرياضة كما صنفت هذه الشرائح الصحية ورفعتها على موقع Dropbox لتكون متاحة للجميع بسهولة. يقوم منهج #اكتشف_جسدك على احترام الجسد وفهمه والاستماع له والاهتمام به وتغذيته بما هو مفيد له وتجنيبه ما هو ضار له وفهم قواعد #الصحة_العامة مع تفهم أن كل شخص له وضعه الخاص من ناحية جسده وعمله وظرفه وبالتالي تجاربه الشخصية الصحية هي التي تثري نمطه المعيشي الصحي الخاص به.

 

الحدث الأكثر أهمية لاحقا بدأ في عمر الخمسين وكان فاتحة خير بحمد الله لنشاطات كثيرة. أسست مبادرة وفريق #مشاة_الرياض مع سبعة من محبي #المشي-للصحة وعلى رأسهم #عميد_المشي الدكتور صالح. بفضل الله عز وجل، كان لهذه المبادرة صدى جيد وواسع في أنحاء المملكة مما شجع على إنشاء أكثر من أربعين فريقًا في مدن وقرى المملكة يهتمون برياضة #المشي_للصحة ويقيمون نشاطات أسبوعية لنشر ثقافة الوعي الرياضي وخدمة المجتمع. خلال سنة واحدة، تطور فريق #مشاة_الرياض ليصل عدد المشاركين في #المشي_فجرا يوم الجمعة إلى أكثر من مئتي شخص، كما شارك #مشاة_الرياض في الكثير من الفعاليات الرياضية والاجتماعية.

الفضل لله أولًا وأخيرًا أن هداني للاستيقاظ من غفلتي تلك، ثم الشكر لزوجتي وشريكة حياتي التي كانت وما زالت نعم السند والعون. والشكر لكل طبيب أو طبيبة أو أخصائي أو أخصائية تغذية تعرفت عليهم في تويتر واستفدت من علمهم وخبراتهم، وتجدون أسماءهم في قائمة من أتابعهم على تويتر. والشكر كذلك لكل المتابعين الذين أثروا تجربتي واستفدت كثيرا من تجاربهم.

أدعو من كل قلبي كل من قرر أن يغير حياته، أن يغير نمط عيشه، وأن يحسن من صحته النفسية ومزاجه مع التركيز على المشي المنتظم، وأن يوقف المجاملات الاجتماعية التي كثيراً ما تأتي على حساب صحته، وألا يبالي باستهزاء بعض زملاء العمل إذا سمعوا صوت قرمشة الجزرة التي يأكلها، أو أن يخجل من أخذ وجبة صحية في صندوق معه إلى العمل حتى لا يضطر لتناول مأكولات البوفيهات، وأن يعمل بجد ونشاط من أجل غد أفضل له ولعائلته.

وأنت أيها القارئ أوجه لك نفس الدعوة! فمن حق طفلك الأصغر أن ينال من متعة شبابك كبقية إخوته.

ودمتم بود.

أخوكم حسان الفلو 

@HAFalou

** الصورة على قمة جبال السودة ، أعلى قمة في المملكة العربية السعودية .

 

الإعلان

ماحد حيشيلكم!!

 

Image result for elderly training

 

      حسناً .. سأدلي لكم باعتراف صغير. منذ أن قررت التزام النظام الصحي قبل سنة لأسباب قوية ومقنعة ستجدها في تدوينة لِم الوسوسة ، أحسست أن عليّ أن أكرس جزءا من وقتي لنشر هذا الفكر بين ذوات السنين الذهبية، وأعني بهذه السنين ما بعد الأربعين. تلك السنين التي (يفترض أن) ينضج فيها العقل و تزيد الحكمة وتبدأ الخبرة بالتبلور. هذا الإحساس منبعه أمران: فأما الأول فهو من باب لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، والثاني : الرغبة في عدم الشعور بالغربة بين قريناتي. لا زالت الرياضة في أوساط النساء في مجتمعي غريبة تنتشر على استحياء، أما بين متوسطات السن فتكاد تكون شاذة. في الحقيقة لا أحب الصورة التقليدية للنساء متوسطات السن اللواتي لا هم لهن إلا إرسال البرودكاست عبر الواتس آب، ومتابعة المسلسلات، واستقبال الأولاد والأحفاد، والتفكير بالضيف و الخروج. فأين الشغف بالقراءة، والرغبة في تعلم مهارات جديدة، وتجربة ما ضن الوقت والحال به في سني الشباب؟  وعندما أجد نفسي أكاد أكون الوحيدة بين صويحباتي لتهتم بأمر الرياضة أشعر بالغربة، وحين يتحدث أحد أن أم خالد “تلعب رياضة” أشعر بالأعين تتفحصني من “راسي لساسي”  بما لا أعرفه، أستهجان هو أو إعجاب. لذا كانت هذه المدونة بأكملها . أطمح أن أدلي بدلوي في بناء ثقافة جديدة محمودة بين ذوي السنين الذهبية.. نسائهم بالذات، كما وفقني الله عز وجل من قبل في نشر ثقافة السرطان. 

التدوينات القادمة ستكون سلسلة تعريفية مبسطة لأنواع التمارين التي يحتاجها من تعدى الأربعين. لن أدعي شموليتها ولكن لعلها تكون خطوة أولى للذكيات اللواتي أدركن أخيراً أن عليهن الاهتمام بأنفسهن لأن “ما أحد حيشيلهم”!

لن أطيل كثيراً في موضوع أهمية الرياضة للإنسان وخاصة من تعدى الأربعين إذ أن ذلك قد ذكرته في تدوينات سابقة، ولكني أذكّر بأنه من المؤكد أن الكل يرغب في الحصول على حياة مريحة صحية جسدياً ومعنوياً، ولا يعتمد فيها على مساعدة أحد قدر الإمكان ، وهذا لن يكون ما لم يتم اعتماد النظام الصحي في الحياة. للأسف أن كثيراً من متوسطي السن فضلاً عن كبارهم يتوجسون من الرياضة، ويعتقدون أن الرياضة قد تشق عليهم بل وقد تضرهم. والبعض الآخر يفكر أنهم للانتظام على الرياضة سيحتاجون للإنضمام إلى ناد رياضي أو شراء معدات خاصة وقد يكون في تفكيرهم هذا جزء كبير من الصحة، إلا أن الدراسات أثبتت أن التهاون في هذا الأمر قد يعرض الحياة إلى الخطر. عندما يتقدم الناس في السن ويعجزون عن فعل الكثير من الأشياء فإن هذا الأمر لا يكون لمجرد أنهم تقدموا في السن، وإنما لأنهم غالباً ليسوا نشطين جسدياً. يكبرون في السن، يقوم أولادهم “ببرهم” عن طريق منعهم من أداء الكثير من الأنشطة الجسدية، يركنون إلى ذلك الأمر فتتداعى أجسادهم سريعاً، بعدها يعجزون عن رفع أيديهم لارتداء ثيابهم، وعن المشي مسافات قصيرة أو صعود الدرج، ناهيك عن أداء أعمال المنزل الأخرى، وتنتهي بهم الحال على السرر أو الكراسي المتحركة مع خادمة أو ممرضة. وبسبب أن الكتلة العضلية  للجسد تتناقص بمقدار 10% لكل عقد بعد سن الأربعين، وبسبب قلة كمية البروتين (غذاء العضلات) غالباً في قائمة الطعام نظرا للمزاج الكربوهيدراتي، ونقص النوم وعوامل أخرى فإن العضلات تتضاءل وتتلاشى ويحل الضعف والوهن .

من الحلول الفعالة جدا في هذا الأمر الانتظام في الرياضة .

كم من النشاط الرياضي يحتاج إليه الأربعيني والخمسيني ليحصل على اللياقة المطلوبة؟ المثير في الأمر أنه لا يحتاج إلى الكثير. توصيات النشاط الجسدي الصادرة عن وزارة الصحة الأمريكية لعام 2008 نصت على أنه للحصول على فوائد صحية جمة فإن على البالغين تحصيل 150 دقيقة أسبوعياً على الأقل من التمارين الهوائية معتدلة الشدة، أو 75 دقيقة أسبوعياً من التمارين الهوائية عالية الشدة (كالمشي والهرولة والرقص وركوب الدراجة)، أو دمج تمارين هوائية معتدلة الشدة وعالية الشدة. التمارين الهوائية يجب أن تكون في جلسات لا تقل عن 10 دقائق ويفضل أن تتوزع خلال الأسبوع. أما إذا رغبوا في الحصول على المزيد من الفوائد الصحية للقلب والعظام فإنه يوصى بزيادة التمارين الهوائية معتدلة الشدة إلى ما مجموعه 300 دقيقة/أسبوعياً (5 ساعات)، أو 150 دقيقة/أسبوعياً من التمارين الهوائية عالية الشدة. كما أن عليهم إضافة تمارين المقاومة المعتدلة أو عالية الشدة وتوظيف مجموعات العضلات الرئيسية ليومين أو أكثر أسبوعياً (الأرجل، الظهر، الصدر، البطن، الأذرع ، الأكتاف).

هذه التمارين يجب أن يؤديها البالغ الخامل في فترات زمنية بسيطة كبداية ويزيدها تدريجياً، وقد يستغرق الأمر بضعة أشهر ليتمكن منخفضو اللياقة من الوصول إلى أهدافهم .

كيف تعرف أنك تؤدي تمرينًا معتدل الشدة أو عالي الشدة؟ اجعل تنفسك علامة لذلك. عندما تتفس بسرعة دون أن ينقطع نفسك، ولا يزال بإمكانك إجراء محادثة مع شخص آخر بشيء من الجهد فهذا تمرين معتدل الشدة. أما إذا كنت تتنفس بسرعة فائقة أنفاساً عميقة ولا يمكنك إجراء محادثة مع شخص آخر إلا بصعوبة وتقطع حديثك مراراً لتلقط أنفاسك فهذا تمرين مرتفع الشدة.

لعل هذه التدوينة مقدمة مختصرة تليها تدوينات أخرى تحتوي تفاصيل أكثر بإذن الله تعالى. قبل أن أفارقكم، أذكركم أن تحتاطوا لأنفسكم بأسرع وقت ممكن .. ترى ما أحد حيشيلكم !!

 

المصادر :

http://www.prevention.com/fitness/how-reverse-muscle-loss

2008 Physical Activity Guidelines for Americans, chapter 5

Getting Fit, Staying Fit During Middle Age
Creating Your Fitness at 40 and Fitness at 50 Plan

 

 

 

 

 

ما أهدافك ؟ كيف مكافآتك ؟

 

في حياة كل الناس أهداف يتطلعون إلى تحقيقها.. الكثير من الأهداف .. يحلمون ويبنون قصورًا في الخيال وقد تنتهي حياتهم ولم يحققوا نصف أهدافهم أو ربعها . قد يكون السبب في ذلك أنهم لم ينفقوا وقتا كافيا لمعرفة ما يريدون بالضبط. يريدون أن يكونوا “أشخاصًا أفضل”، فإذا سألتهم عن مرادهم بالتحديد، ذُهلواا!

قد يكونون رصدوا أهدافا ولكنها مثالية جدا فإذا أرادوا تحقيقها صدموا بالواقع وانقطعوا!

قد لا تكون أهدافا مثالية ولكنها بعيدة، والإنسان عَجول فيعملون قليلاً ويستعجلون النتائج طويلة المدى ثم يملون ويتركون الأمر برمته.

الحياة رحلة، وهل رأيت عاقلاً قط يسافر في رحلة دون أن يحسن رسم ملامحها ويكتفي فقط بهدف “أريد أن أستمتع”؟

ما العمل إذن؟ الأمر بسيط ولا يحتاج إلا لشيء من التخطيط.

عليك أولاً أن تحدد ما الذي تريد تحقيقه، وتضع لنفسك أهدافا طويلة المدى تكون بمثابة الصورة الكاملة والتي على أساسها تتخذ قراراتك وتسيّر عليها حياتك وأيامك بل وتفضيلاتك، مثال: أريد أن أحفظ القرآن، أريد أن أكون ريادي أعمال، أريد أن أتمتع بصحة أفضل .. الخ.

ثم تقطع هذه الصورة الكاملة إلى أهداف قصيرة محددة ..تطلق جملاً عامة عائمة على غرار “أريد إنقاص وزني”، أو “أريد أن أتقيد بالمواعيد” ، ثم – ياللمفاجأة – لا يتحقق شيء!  لابد أن أن يكون الهدف خاضعاً للميمات الخمس التي تجعل بلوغ الهدف ممكنا.. هذه الميمات :

م1 : محدداً : فينص الشخص على الذي يريد إنجازه بالضبط ( فلا يكفي : أريد إنقاص وزني) .

م2 : محسوساً يمكن قياسه لا مجرد” الشعور به” (فلا يكفي: أريد أن أكون سعيدة).

م3 : ممكناً : فالأهداف المثالية قد لا تكون واقعية وبالتالي ينقطع العامل عن العمل (فلا ينفع: أريد أن أقوم بتمرين السكوات يومياً 200 مرة) .

م4 : موافِقاً لحاجات وقدرات وتفضيلات الشخص (فغالبا لن تكون رساما ماهراً إذا لم تكن تحب الرسم)، وتكون الوسيلة كذلك موافقة للهدف (فالجري 3 مرات أسبوعيا لن يساعدك في أن تتحسن صحة شعرك).

م5 : مؤقتا بزمن محدد يتم فيه إنجازه ( في ربع ساعة ، في أسبوع ).

 

إن تقسيم الأهداف الكبرى إلى أهداف صغيرة يجعل المستحيل يبدو ممكناً، وأعني بصغيرة، صغيرة جداً . فإذا كان هدفك خسارة 25كيلو فليكن هدفك الصغير تناول اللبن الزبادي يومياً لمدة أسبوع. إتمام هذا الهدف سيعطيك الشعور بالرضا والإنجاز وسيجعلك تشعر أنك “تستطيع” بإذن الله، وسيدفعك للنضال لتحقيق أهداف أخرى تقودك في النهاية إلى هدفك الأكبر.

منذ أن أنجبت ولدي الرابع وحتى الآن وأنا في “ريجيم” مستمر. أحاول دوماً إنقاص وزني والرجوع إلى قوامي القديم ولا فائدة. كانت أمامي الصورة كاملة وكنت أعجز عن رؤية التفاصيل التي تُكوّن تلك الصورة. حسناً، كيف لي أن أنقص وزني؟ بالدايت طبعاً .. طيب إلى أي مدى أخفف طعامي؟ كم علي أن أتمرن أسبوعياً؟ ما التمارين التي عليّ أداءها؟ ما الحد الأمثل للكيلوات التي سأخسرها لو اتبعت التعليمات بالنظر إلى سني؟ كنت أخبط خبط عشواء لأن الذي كنت أراه فقط أن عليّ أن أخسر 20 كيلو. فلما بدأت في رصد الأهداف الصغيرة والتي تمثلت في خسارة 2 كيلو شهرياً عن طريق الالتزام بالنظام الغذائي الذي يتكون من خطوات معينة والنظام الرياضي الذي قرره مدربٌ اشتركت معه أون لاين و بأجرة شهرية، بدأت عندها أحقق الأهداف. بطيئة نعم ولكنها أكيدة بإذن الله.

وبعد ذلك تأتي عملية المتابعة والتقويم المستمر. قد تحتاج إلى عمل قائمة بمهامك اليومية فيما يخص هذا الهدف لتذكيرك ولتعيدك للمسار كلما انحرفت قليلاً.

فإذا رصدت أهدافك المحددة المحسوسة الممكنة فقد حان وقت الجزء الأجمل من الموضوع بأكمله: المكافأة! قد تكون أحد أولئك الأشخاص الملهَمين الذين يعتبرون مجرد تحقيق الهدف مكافأة .. بوركت!! ولكن ليس كل الناس كذلك ولا مانع أصلاً من الحصول على مكافئتين: الشعور الجميل بالإنجاز والهدية.  النفس البشرية في الغالب تحتاج إلى مكافآت حسية، تستمتع بها وتستلذ وذلك سيحفزها على تكرار الإنجاز. المشكلة أن كثيراً من الأمور التي نستمتع بها وتصلح لأن تكون مكافآت لا نمارسها أصلاً وكأننا نستخسر الوقت المهدور أو المال المبذول لفعلها.. لماذا نستكثر الأطايب التي يمكن نقدمها لأنفسنا في حين أننا قد نقدمها للغير أحياناً دون أدنى تفكير.. يبدو أن علينا الرجوع إلى تدوينتي: هل تحب جسدك ؟  من جديد .

عندما خسرت 7 كيلو من وزني حصلت على عدة مكافآت، كان أهمها ذاك الشعور بالرضا عن النفس والإنجاز والإيجابية. ولكن هذا لم يمنعني من أن أكافئ نفسي بأشياء حسية ترضيني، فقمت بشراء حذاء مشي جديد، وعدة قطع ملابس بالمقاس الأصغر، وفكرت جدياً بتحويل إحدى حجرات المنزل إلى نادٍ مصغر. الحذاء الجديد مريح أكثر من القديم بالتأكيد فسيشجعني على ارتدائه والتمرن به، والمقاس الأصغر يُسمعني كلمات الثناء ممن حولي ويقف حائلاً بيني وبين تلك الكنافة الشهية أو تلك القطعة الزائدة من البيتزا المغطاة بالجبن الذائب أو تلك القضمة الفضولية من برجر ابنتي. أما النادي المصغر في بيتي فسيشجعني على الاستمرار في التمرين الذي أدفع ثمنه شهريًا دون أن يضايقني ذلك .. أجرة المدرب نفسها مكافأة!

لا تحرم نفسك من التربيت على كتفك كلما أنجزت هدفاً صغيراً. الأهداف الصغيرة تقود إلى تلك الكبيرة العظيمة. الأهداف الصغيرة تعطي شعوراً سريعاً بالإنجاز والرضا والسعادة فكانت أجدر بالمكافأة.. لا تشعر بالسخافة أرجوك وأنت تكافئ نفسك على إنجاز هدفك الصغير جداً، لا تبخل على نفسك وهي أعز ما تملك.

عندما أصبت بسرطان الثدي قبل سنوات كان أمامي هدفان ملحان: أحدهما أن أحصل على الطلاق والآخر أن أعيش! فلما أنهيت علاجي الكيماوي (أسوأ مراحل العلاج على الإطلاق) وحصلت على الطلاق واقترب العيد أحسست أني انتصرت بفضل الله تعالى إذ أني خرجت من معركتين شرستين بخسائر طفيفة .. فقط فقدت ثدياً وزوجاً وشعراً.. شعرت بحاجة ملحة لأن يربت أحد على كتفي ويقول لي بصوت حانٍ: لا بأس يا غالية، أبليت بلاء حسناً، وهذا الوقت سيمضي وأمامك أيام أفضل. لم يكن عندي شخص أفضل من نفسي لتخبرني بذلك، فالمرء إن لم يستمد قوته من الله أولاً ثم من نفسه فلن يقوم من مكانه أبداً ولو هب كل من في الأرض لمساعدته. عندها، ولأول مرة في حياتي كافأت نفسي المناضلة بساعة بمبلغ 2000 ريال. قلبت تلك الساعة موازيني الاقتصادية (المقلوبة أصلاً من بعد الطلاق) والنفسية، إذ اشتريت شيئاً لنفسي بدلاً من أن أصرف هذا المبلغ لأولادي أو لزوجي كما جرت عادتي ، ولكنها كانت خطوة في غاية الأهمية لنفسي المتعبة. ومنذ ذلك الوقت وأنا اشتري لي هدية سنوية بمبلغ مقارب لأُشعرني أنني أُحبني وأنني -عندي- أساوي الدنيا وما فيها.

والآن، إليك جملة من الأمثلة لأهداف الصغيرة والمكافآت المقترحة وما عليك إلا أن تختار وتمزج كما تشاء . يلاحظ هنا أن عليّ اقتراح بعض الأهداف وعليك أنت أن تضع التوقيت والمدة المناسبة لها بناء على الميمات الخمس .

 

–       الأهداف : المشي السريع لمسافة (..) كلم 5 مرات في الأسبوع ، خسارة رقم واحد من قياسات ملابسك ، إتمام (…) يوم بدون سكر مضاف، الامتناع عن شراء الجنك فود لمدة (…) – الانتقال إلى الوزن الأثقل في تمارين المقاومة ، بلوغ (…) ثانية في تمرين البلانك–  الانتهاء من تنظيف المنزل في (…) دقيقة، حفظ أو مراجعة (…) من القرآن يومياً، الانتهاء من تقرير العمل اليومي قبل (…) ساعة من موعد الانصراف خلال الشهر القادم،  كتابة تدوينة أو مقال من (…) كلمة يوميا ، تعلم تهجي (…) كلمات من لغة أخرى، إخراج ما لا يلزمك من ملابس وألعاب من حجرة أطفالك والتبرع به، المحافظة على تمارين المقاومة لمدة ثلاثة أسابيع متتالية، التبصيم في الوقت المناسب لمدة (…)، إنهاء إيميلاتك يومياً لمدة (…)، الاتصال بالوالدة يومياً (والأفضل زيارتها)، علاج تلك السن المزعجة التي حرمتك من شرب البارد، الامتناع عن الغازيات.

 

–       المكافأت : شراء قطعة ملابس جديدة، اكتب مشاعر الإنجاز في دفتر جميل وسمه دفتر الإنجازات (سأفعل ذلك قريبا)، اشتر قطعة جديدة لها علاقة بنشاطك الصحي (طبق جميل تتناول فيه طعامك، زجاجة ماء زاهية الألوان، وزن جديد في الأثقال)، دللي نفسك بجلسة في صالون التجميل (حسب إنجازك يكون التدليل)، اذهبي إلى مقهى أو مطعم أو الحرم وحدك واستمتعي بساعة أو أكثر من الهدوء والروقان بعيداً عن المزعجين الصغار، اشتر كتاباً جديداً واقرأه في تلك الزيارة للمقهى، ابتع أدوت تحضير القهوة الفاخرة واشتر نوعاً جيداً من القهوة الممتازة واستبدل قهوتك الرديئة بها واستمتع بانضمامك إلى حزب “الكولين” (لا تحتاج أن تستمع إلى فيروز لتكون من هذا الحزب)، استمتع بإغفاءة منعشة خاصة بعد التمرين المرهق، املأ حوض الاستحمام وارم فيه أحد قنابل الاستحمام المعطرة واسترخ تماما (تأكد من إغلاق كل الأبواب المفضية إلى الحمام لئلا يصلك صوت الدق على الأبواب، وتأكد أيضاً أن تلزم الحذر لأنك لو زلقت فلن يصل إليك أحد قبل ساعتين) ، تناول غداء فاخراً بالخارج (لا للجنك فود لو كان هدفك الامتناع عنه.. ثم أن الجنك فود لا يعد طعامًا فاخراً.. لا يعد طعاما أصلاً!!)، اشتر عددا جديداً من مجلة الكترونية أو لعبة الكترونية في الآيباد (نعم أنا ألعب ألعاباً اليكترونية)، نبتة جديدة للصالة، اشتر لنفسك باقة ورود، سماعات جديدة لهاتفك بدلاً من تلك المقضومة من الطرف (ستتورط عندما تنقطع فجأة)، تلك الإضاءة الجميلة التي تصلح لركن حجرة المعيشة والتي تستكثرها على نفسك.

هذه جملة مقترحة من الأهداف والمكافآت، هل عندك أفكار فتاكة أخرى تضيفها إلى قائمتي؟

 

المصادر :

http://hubpages.com/health/101-Ways-to-Reward-Yourself-Why-Self-Flagellation-Doesnt-Work

http://www.forbes.com/sites/lewishowes/2012/07/06/why-thinking-small-is-the-secret-to-big-success/2/#571b86205a74

http://www.smart-goals-guide.com/