نهم الشتاء

أكل

رجع الشتاء حيث يقصر النهار ويطول الليل، وصار الناس يشتكون أنهم يتناولون المزيد من الطعام . هل يبدو هذا السيناريو مألوفاً لديك ؟ لست وحدك في الحقيقة . الدراسات تظهر أننا بالفعل نأكل زيادة في الشتاء وأن الغالبية تزيد أوزانهم بمقدار 1-2 كيلو ، ولكن لماذا؟

هناك عدة مناقشات في هذا الموضوع. بعض الدراسات تقترح أن المشكلة في الاستجابات البدائية في النفس الإنسانية تجاه البرد حيث كان الإنسان في القدم يحتاج للمزيد من الطبقات الدهنية لمواجهة البرد فيأكل ليخزن الدهون للتدفئة، تماماً مثل الدب القطبي وبعض أنواع الحيوانات الأخرى قبل الدخول للسبات الشتوي، لذا نجد أن النفس تميل للكاربز بالذات (نشويات وسكريات) والتي تبث “الدفء” في الأوصال.  لا أعرف حقيقة عن الوضع الآن مع الأجواء المكيفة  والملابس الثقيلة التي نرتديها!

ويقترح البعض أن الشتاء في بلاد الغرب عادة هو وقت الاحتفالات والأعياد حيث يكثر الطعام الطيب والاجتماعات الحميمة مع الأهل والأصدقاء . أما عندنا فزيادة رغباتنا بتناول الطعام واشتهائنا له مرتبط بالرغبة باستعادة الذكريات المرتبطة بدورها بالشتاء، كما نفعل حين نود استعادة ذكريات رمضان بإعداد الشوربة والسمبوسة لينتشر عبقها في البيت. يمكننا القول بأنه شيء يشبه “إعدادات الشتاء :Winter settings “شبة الضو و تناول الحنيني أو الحيسة أو العريكة في أوانٍ خاصة بها،  وارتداء الفروة أو المعاطف الجلدية ودلة الحليب بالزنجبيل، والعشاء الشتوي الدسم عادة لأن النفس في الشتاء (وغير الشتاء) لا تميل للبروتين والألياف “التي لا تدفئ!!!

يقولون أيضاً أن ليل الشتاء طويل، ونهاره مغيم غالباً وهذا يسبب الاكتئاب عند البعض بسبب قلة التعرض لضوء الشمس،  والطعام يريح النفسية، واحزروا أي طعام بالذات يبعث النشوة والسعادة في القلب؟ نعم.. النشويات والسكريات، وإلا فهل سمعتم قط بأن صدور الدجاج المشوية والحبوب الكاملة والخضروات تسعد القلب؟ كلا، وإنما هو الحلويات والمعجنات والصواني الدسمة التي تبث الدفء في القلوب والأوصال!

قلت: (برضه؟)

وهناك أيضاً تبرير آخر جيد وهو أننا في فصل الشتاء وبسبب الشعور بالبرد نميل إلى كثرة الجلوس أمام المدفأة أو في سررنا تحت الأغطية للحصول على المزيد من الدفء ولا نتحرك بما فيه الكفاية فضلاً عن أداء أي تمرين، وقد أثبتت بعض الدراسات أن التمرين  يزيد من مستويات السيروتونين، وهو للمعلومية مادة كيميائية وناقل عصبي يساعد على التواصل بين خلايا الدماغ، كما أنه يحسن المزاج وينظم الشهية (ينظم وليس يزيد)، وبالتالي لا يشعر المرء بالنهمة القوية للطعام مع التمرين المنتظم، وهذا يلمسه الكثيرون عند انتهائهم من تمارينهم معتدلة الشدة بإحساسهم بالشبع وعدم رغبتهم في تناول الطعام لفترة بعد التمرين.

فإذا لم يتمرن المرء في الشتاء بسبب البرد وثارت شهيته نحو النشويات والسكريات بسبب الذكريات أو الجمعات أو ببساطة “إعدادات الشتاء” فخمن ما الذي سيحصل؟ إحساس بالرغبة في تناول السكريات والنشويات بالذات، فيرتفع سكر الدم للذروة ثم يهبط سريعاً فيهجم الإحساس بالجوع ثانية ونبحث عن طعام آخر (كاربز بالتأكيد) وهكذا تدور العجلة. ثم ماذا؟  بوووم .. حرق للسعرات أقل+ تناول أكثر للطعام =زيادة في الوزن بالتأكيد، ثم نلقي باللوم على الشتاء المسكين.

إذن ما الحل؟ هل نمتنع عن طيبات الشتاء وطقوسه؟

لا بالطبع، فالحرمان يزيد من قوة الرغبة بتناول الشيء الممنوع، وإنما علينا أولاً أن نغير من أفكارنا القديمة تجاه الشتاء ونهمته، ثم علينا بالاعتدال .. كلما هفت نفسك إلى تناول الكاربز فتناول كمية معقولة تشعرك بالرضا واقرنها بكمية جيدة من البروتين الذي يعطي الاحساس بالشبع والامتلاء، ويخفف في الوقت ذاته من ذروة سكر الدم .

وإن أصررت على تناول طيبات الشتاء فحاول تخفيف أثرها الصادم بتناول الوصفات قليلة الدسم منها 

وإن أبيت إلا تناول الوصفة الأصلية التي تذكرك بالأم والجدة، فبراحتك .. لكن تذكر أنه (ما أحد حيشيلك)!

# بس_بأقول

 

المراجع:

https://www.npr.org/sections/thesalt/2011/12/19/143950231/why-are-we-more-hungry-in-the-winter

https://www.webmd.com/diet/features/control-your-winter-appetite#2

https://www.psychologytoday.com/us/blog/brain-bootcamp/201009/can-exercise-cure-depression

الإعلان